الخطاب بـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} تكرر كثيرًا وعرفنا ما يترتب على هذا الخطاب.
قوله:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أي ألزموا أنفسكم بالإصلاح ولهذا "على" تعتبر نائبة مناب اسم الفعل، أي: ألزموا أنفسكم بإصلاحها وطلب الهدى لها.
قوله:{لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} لأن النَّاس قد يقولون: إذا كان هناك فسقة أو كفار فإننا نخشى على أنفسنا من هذا، فَبَيَّنَ الله عزّ وجل أن ذلك لا يضرنا إذا أصلحنا أنفسنا، وهذا كما جاء في الحديث:"إذا رأيت شحًّا مطاعًا وهوىً متبعًا ودنيا مؤثرة وأعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام"(١).
وقوله:{إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} يعني إذا استقمتم على صراط الله، ومن الهداية أن يأمر الإنسان بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر الاستطاعة، فليس في الآية ما يدل على إسقاط أو على سقوط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن من أعظم الهداية وأتم الهداية أن يأمر الإنسان بالمعروف وينهى عن المنكر.
(١) رواه أبو داود، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، حديث رقم (٤٣٤١)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، حديث رقم (٣٥٥٨)، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، حديث رقم (٤٠١٤) عن أبي ثعلبة الخشني.