تخرج عنه، وقد أدركنا هذا، أدركنا من يقول: المرجع الإقناع والمنتهى، وإياك أن تخرج عما فيهما، حتى وشوا ببعض الناس إلى السلطات حين ذكر ما هو الراجح من الأقوال، وقالوا: هذا خارج عن المذهب، وهذا لا شك أنه خطأ عظيم، ومن اعتقد أن أحدًا من الناس من العلماء وإن كبر بل من الصحابة يجب التزام قوله عزيمة ورخصة وتحليلًا وتحريمًا، فإنه ضال مبتدع يستتاب، فإن تاب وإلا أدبه الحاكم بما يرى أنه يردعه وأمثاله.
القسم الثالث: تَوَسَّطَ في التقليد والاجتهاد، قالوا: من أمكنه الاجتهاد ومعرفة الحق بنفسه لم يحل له أن يقلد، ومن لا، فله أن يقلد، واستدلوا بقول الله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣] ولم يأمر الله تعالى بسؤالهم إلا للرجوع إلى قولهم وإلا لكان سؤالهم لغوًا لا فائدة منه، وبقول الله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦] وبأن الله تعالى أباح التيمم عند عدم الماء، هذه ثلاثة أدلة، وبأن الله أباح الميتة عند الضرورة، إذا لم يجد الإنسان إلا ميتة فإما أن يأكلها فيبقى، أو لا يأكلها فيهلك، فيقال: يجب أن تأكلها وجوبًا فإن لم تفعل فأنت آثم، وما أحسن ما قال شيخ الإِسلام رحمه الله: اجعل التقليد كالميتة لا تحل إلا عند الضرورة.
الفائدة الرابعة عشرة: حسن الجدال في القرآن الكريم حيث أقام الحجة على هؤلاء الذين: {قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} بأن آباءهم {لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} فهم ضالون في علمهم وفي عملهم.