والإحسان في معاملة المخلوق: هو أن تبذل لهم المعروف وأن لا تعتدي عليهم بما ليس بمألوف، ومنهم من قال: الإحسان: بذل الندى وكف الأذى وهذا بمعنى ما ذكرنا، ومما يدل على أن كف الأذى يعتبر من الإحسان هذه الآية.
قوله:{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ} يعني وأخذنا من الذين قالوا: إنا نصارى ميثاقًا، ولم يقل: ومن النصارى، بل قال:{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى}، مع أنه في الآية الأخرى يثبت الله تعالى لهم هذا الوصف، كما في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى}[المائدة: ٦٩]، لكن هنا قال:{قَالُوا إِنَّا نَصَارَى}، وفائدة ذلك: إقامة الحجة عليهم حيث يدَّعون أنهم نصارى وأنهم أهل نصرٍ للحق، ومع ذلك نسوا حظًّا مما ذكروا به.
وقوله:{أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ} إذًا أَخَذَ الله الميثاق من اليهود وأخذ الله الميثاق من النصارى وكذلك من هذه الأمة، فإن الله تعالى أخذ منا الميثاق، كما قال تعالى:{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}[المائدة: ٧]، وقد أخذ الله الميثاق على بني آدم كلهم أن يؤمنوا به وبرسله ويوحدوه ولا يشركوا به شيئًا، فأخذ الله الميثاق على الذين قالوا: