للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدة الحادية عشرة: إثبات تفاضل محبة الله عزّ وجل، وجه الدلالة: أن المحبة هنا علقت بوصف وهو الإقساط؛ لأن "مقسطين" من الرباعي، وإذا كان كذلك فإن المعلق بوصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه، أرأيت لو قلت: أَكْرِمْ المجتهد من الطلبة، فإن إكرامك يزيد بزيادة الاجتهاد وينقص بنقصه.

إذًا إثبات كون الله يحب المقسطين يدل على تفاضل محبة الله عزّ وجل وأنه يحب أحدًا أكثر من أحد، ويحب أحدًا ولا يحب الآخر، وهذه القاعدة في كل شيء.

الفائدة الثانية عشرة: الحث على الإقساط، أي: العدل، وجه ذلك: كون الله يخبر أنه يحب المقسطين يتضمن الحث على العدل، فهذا ليس مجرد خبر، بل هو خبر يراد به الحث والإغراء على العدل.

* * *

° قال الله عزّ وجل: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣)} [المائدة: ٤٣].

قوله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ} "كيف" هنا: اسم استفهام، والمراد به: التعجيب، يعني: اعْجَبْ كيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله، وهم يدَّعون أنهم مؤمنون بها فإن هذا من التناقض، إذا كان لديهم كتاب يهتدون به، ويدَّعون أنه هو كتابهم وشريعتهم ودينهم، فكيف يتحاكمون إلى غيره؟ هذا مما يوجب الشبهة في تحكيمهم للرسول عليه الصلاة والسلام وأنهم ما أرادوا الحق، لو أرادوا الحق لرجعوا إلى الكتاب الذي عندهم؛ لأنهم يعتقدون أنه حق.

<<  <  ج: ص:  >  >>