للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثواب بلا محبة أبدًا، فهم وإن فروا من إثباتها لفظًا فإنها تلزمهم إلزامًا، المهم أنهم يقولون: إن المحبة بمعنى: المثوبة، فقيل لهم: إن الله يقول: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤] قالوا: نعم، يحبهم أي: يثيبهم، ويحبونه، أي: يفعلون ما يثيبهم عليه، ولكن هذا لا شك أنه مخالف لظاهر اللفظ ومخالف لإجماع السلف، فما من السلف أحد قال: إن المحبة بمعنى: الثواب.

فإذا قال قائل: وهل عندكم نص من كل واحد من السلف أن المحبة بمعناها الحقيقي؟

قلنا: لا، لكن كون هذه النصوص ترد عليهم ولم يرد عنهم تفسير بخلاف ظاهرها يدل على أنهم أجمعوا على إثباتها، ولا حاجة لأن ينقل إجماعهم على كل مسألة بعينها، لكن ما دامت نصوص الكتاب والسنة ترد عليهم، ولم يأتِ عن أحد منهم ولا حرف واحد أنه أوَّلها بخلاف ظاهرها، فإن هذا يدل على أنهم مجمعون على إثباتها.

أما قولهم: إن هذا يلزم منه أن تقوم الحوادث بالله عزّ وجل، فنقول: وليكن، نحن نؤمن بأن الله تعالى يفعل ما يشاء، وأن صفاته منها ما يتجدد ومنها ما لا يتجدد، بمعنى منها ما يحدث بأسباب، ومنها ما لا يحدث بأسباب، فالعلم مثلًا أزلي أبدي، لكن المحبة ليست كذلك، إذا كان الله يحب هذا العبد فمحبته لهذا العبد بعد وجود أسباب المحبة، فمحبته لهذا العبد المعين حادثة ولا مانع، وقيام الأفعال الاختيارية به من كمال صفاته ولا شك.

<<  <  ج: ص:  >  >>