للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يحملنا البغض على ترك العدل ثم أمر بالعدل، قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} وهذه كالطابع على ما سبق.

قوله: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} هذه الجملة نقول فيها مثل قولنا فيما سبق في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [المائدة: ٧] يعني أنها جملة تتضمن التهديد بمخالفة التقوى.

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ} قالوا: إن الخبير أدق من العليم؛ لأن الخبير من الخُبْر وهو العلم ببواطن الأمر، ولذلك سميت المزارعة مخابرة؛ وسمي الزارع خبيرًا؛ لأنه يدس الحب في الأرض فيختفي، فالخبير هو العليم بخفايا الأمور.

قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ} أي: بالذي تعملونه من قول أو فعل، وذكر الله جلَّ وعلا هذا لكي نستقيم على أمره؛ لأننا لو خالفنا أمره لكان عالمًا بنا سبحانه وتعالى.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: وجوب الإخلاص لله عزّ وجل في الشهادة لقوله: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ}، وقال في آية أخرى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: ٢]، واعلم أنك إذا كنت مخلصًا لله بالشهادة فإنك لن تحابي قريبًا ولا صديقًا، ولن يحملك بغضك لشخص على أن لا تشهد له ما دمت مخلصًا لله تعالى بالشهادة.

الفائدة الثانية: أن الواجب على الإنسان أن يشهد بالقسط -أي: بالعدل- ولو كان المشهود عليه قريبك، أباك أو أخاك لقوله تعالى في سورة النساء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: ١٣٥]، ولا تعد شهادة الإنسان على أبيه وأمه عقوقًا بل هي بر؛

<<  <  ج: ص:  >  >>