الفائدة الأولى: أنه يجب على أهل الإنجيل أن يحكموا بما أنزل الله فيه.
الفائدة الثانية: أنه يجب على أهل الإنجيل أن يؤمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ووجه ذلك: أن مما أنزل في الإنجيل صفة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد بشر عيسى به فقال:{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف: ٦]، فلو قال النصارى اليوم: إنهم مؤمنون بالإنجيل، قلنا لهم: لم تؤمنوا؛ لأنكم لو آمنتم بالإنجيل لآمنتم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- إذ هو مكتوب عندكم في التوراة والإنجيل أنه يامركم بالمعروف وينهاكم عن المنكر إلى آخره، فالإنجيل فيه وجوب اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله ذكر في الآية التي بعدها:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}[المائدة: ٤٨] وهذا من ضلال النصارى ألا يفهموا ما أنزل الله على رسله.
وأيضًا: قد بشركم به نبيكم عيسى عليه الصلاة والسلام، فإن قالوا: إن الذي بشرنا به اسمه أحمد، قلنا: هذا اسم آخر لمحمد عليه الصلاة والسلام فاسمه أحمد ومحمد، ويدل لهذا قول الله تبارك وتعالى:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}[الصف: ٦]، جاء بني إسرائيل بالبينات الدالة على صدقه وعلى تصديق عيسى ببشارته، {قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}[الصف: ٦] وكلمة "جاء" في اللسان العربي المبين تفيد الماضي، فيكون الرسول الذي بشر به عيسى قد جاء، وهل أحد جاء قبل محمد؟
الجواب: لا، هم ما ادعوا أن أحدًا جاء قبل محمد اسمه أحمد إنما قالوا: ينتظر أن يجيء أحمد، فنقول: هذا الذي قلتم غير صحيح؛ لأنه جاءكم وليس بمنتظر.