الفائدة الثانية والعشرون: التنبيه على أن الغالب أن وسط السبيل والطريق هو الحق؛ لأن سواء بمعنى وسط كقوله تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥)} [الصافات: ٥٥]، أي: في وسطها ومستقرها وهذا هو الغالب أن ما تطرف إلى اليمين أو اليسار فهو ضلال، ولذلك جاء في الحديث:"حامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه"(١).
قوله:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ}"الفاء": عاطفة والعطف بالفاء يفيد الترتيب وإذا كان عطف فعلٍ على فعل، فإنه يفيد السببية مع الترتيب فإذا قلت: جاء زيد فعمرو، فالفاء للترتيب المحض؛ لأن العطف هنا عطف مفرد على مفرد، وإذا عطفت جملة على جملة فإنه قد يفيد الترتيب مع السببية وهو الغالب مثل أن تقول: كَفَرَ فلانٌ فكان في النار، آمن فلانٌ فكان في الجنة، أي: بسبب، وأحيانًا تكون لمجرد الترتيب كما في قوله تعالى:{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا}[الأعراف: ٤]، فالهلاك بعد مجيء البأس.
قوله:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ}، الفاء تقدم أنها
(١) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب في تنزيل الناس منازلهم (٤٨٤٣).