للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدة الثانية والعشرون: التنبيه على أن الغالب أن وسط السبيل والطريق هو الحق؛ لأن سواء بمعنى وسط كقوله تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥)} [الصافات: ٥٥]، أي: في وسطها ومستقرها وهذا هو الغالب أن ما تطرف إلى اليمين أو اليسار فهو ضلال، ولذلك جاء في الحديث: "حامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه" (١).

* * *

° قال الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)} [المائدة: ١٣].

قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} "الفاء": عاطفة والعطف بالفاء يفيد الترتيب وإذا كان عطف فعلٍ على فعل، فإنه يفيد السببية مع الترتيب فإذا قلت: جاء زيد فعمرو، فالفاء للترتيب المحض؛ لأن العطف هنا عطف مفرد على مفرد، وإذا عطفت جملة على جملة فإنه قد يفيد الترتيب مع السببية وهو الغالب مثل أن تقول: كَفَرَ فلانٌ فكان في النار، آمن فلانٌ فكان في الجنة، أي: بسبب، وأحيانًا تكون لمجرد الترتيب كما في قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} [الأعراف: ٤]، فالهلاك بعد مجيء البأس.

قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ}، الفاء تقدم أنها


(١) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب في تنزيل الناس منازلهم (٤٨٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>