لو قال قائل: إذا كان الإنسان في بلاد الكفار هل له أن يتحاكم إليهم ليصل إلى حقه؟
الجواب: إذا كان لا يمكن أن يصل إلى حقه إلا بهذا فليتحاكم إليهم لا على نية أن حكمهم صحيح، لكن على نية أنهم كالشرطة يستخرجون له حقه من هذا الظالم، ولو لم نقل بذلك لضاع حقه، ففرق بين أن نحكمهم على أن حكمهم شريعة، وبين أن نحكمهم ليخلصوا حقه، لكن يجب أن يعتقد أن حكمهم باطل في الأصل وأنهم ليسوا حكامًا شرعيين.
* * *
° قال الله عزّ وجل: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} [المائدة: ٥٠].
قوله:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} الاستفهام هنا للإنكار والتعجيب، يعني: أن الله تعالى أنكر عليهم ذلك وأراد منا أن نتعجب من هذا الذي يبغونه، "والفاء" هنا وقعت بعد أداة استفهام، ومن المعلوم أن أداة الاستفهام لها صدر الكلام، وهنا لا نجد شيئًا بين الهمزة والفاء، فكيف يتوجه العطف بالفاء على شيء ليس بموجود؟ في هذا رأيان بالنسبة للنحويين:
الرأي الأول: أنه كلما جاء حرف العطف بعد الهمزة فان هناك جملة مقدرة تناسب المقام، وهذا جيد من جهة لكنه صعبٌ من جهة أخرى، إذ إنه يصعب على الإنسان أن يعرف ما الذي يقدره، وأحيانًا يشق عليه ذلك كثيرًا أو يعجز أن تقدر شيئًا مناسبًا.
والرأي الثاني: أن الفاء مزحلقة عن مكانها وأن أصلها قبل