ويظهر ذلك بالمثال: إذا قلت: زيد الفاضل، وعبرت تعبيرًا آخر: زيد هو الفاضل، أيهما أبلغ في إثبات الفضل لزيد؟ الثاني، فقولنا: زيد هو الفاضل يعني: لا غير فيفيد الحصر والتوكيد أيضًا، ويفيد التمييز بين الخبر والصفة؛ لأنك إذا قلت: زيد الفاضل، يحتمل أن تكون الفاضل صفة لزيد، ويترقب المخاطب الخبر، زيد الفاضل ما شأنه؟ يتوقع الإنسان الخبر، فإذا قلت زيد هو الفاضل لم يحتمل أن تكون الفاضل صفة، بل تتعين أن تكون خبرًا، وهل ضمير الفصل له محل من الإعراب؟ هو حرف في صورة ضمير وليس له محل من الإعراب، ولهذا قال الله تعالى: {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (٤٠)} [الشعراء: ٤٠]، فقال:{الْغَالِبِينَ}، مما يدل على أنه ليس له محل من الإعراب، لو كان له محل من الإعراب لكان الضمير مبتدأ، والغالبون: خبر، ولهذا نقول في إعراب:{إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ}: "الواو" اسم كان، و"الغالبين" خبرها.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: ثبوت إنزال الله تعالى للتوراة، لقوله:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ}.
الفائدة الثانية: شرف التوراة، حيث إن الله تعالى أنزلها من عنده، لكن كما تقدم في التفسير: أن المراد بالتوراة: التي لم تغير ولم تبدل.
الفائدة الثالثة: أن في التوراة هدى ونور، لقوله:{فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}، وفي القرآن الكريم قال الله تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ}[البقرة: ١٨٥] فالقرآن