للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} لا تخشوا الناس؛ أي: لا تخافوهم وتخضعوا لهم واخشوا الله، وهذا كالإشارة إلى كونهم إذا زنا فيهم الشريف تركوه وإذا زنا فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، واعلم أن الخشية والخوف بينهما فروق:

الفرق الأول: أن الخشية تكون عن علم، والخوف قد يكون عن علم وقد يكون بدون علم.

الفرق الثاني: أن الخشية تكون لعظمة المخشي، وأما الخوف فيكون لضعف الخائف، وإن لم يكن المخوف قويًّا.

الفرق الثالث: أن الخشية أكمل من الخوف، ولهذا كانت ألفاظها الخاء والشين والياء، وكلها مشتقة من الشيء القوي.

قوله: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} يعني: لا تستبدلوا آيات الله بالثمن القليل، فما هو الثمن القليل؟ الثمن القليل إما الجاه وإما الرتبة والشرف، وإما الرشوة فهم يحكمون بغير شريعة الله، طلبًا لبقاء شرفهم وجاههم وسيادتهم أو من أجل مال يبذل إليهم رشوة، ووصفه الله بأنه قليل لأن جميع ما في الدنيا مهما بلغ فهو قليل، قال الله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} [النساء: ٧٧].

قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] أي: أيُّ إنسان لم يحكم بما أنزل الله من يهود ونصارى وغيرهم {فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} "أولاء": مبتدأ، وهم: ضمير فصل، وجاء ضمير الفصل لإفادة الحصر والتوكيد؛ وقد تقدم أن ضمير الفصل له ثلاث فوائد، الأولى: إفادة الحصر، والثانية: التوكيد، والثالثة: التمييز بين الخبر والصفة، ولهذا سمي ضمير فصل،

<<  <  ج: ص:  >  >>