للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢١٧].

قوله: {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ذكر الله تعالى أنه خاسر في الآخرة؛ لأن ظهور خسرانه في ذلك الوقت، وإلا فهو في الحقيقة خاسر في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ١٥] وقال تعالى: {أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [التوبة: ٦٩].

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: أن الإحلال والتحريم إلى الله عزّ وجل، وليس لأحد أن يحلل أو يحرم لقوله: {الْيَوْمَ أُحِلَّ} وهذا بإجماع المسلمين، حتى إن الله تعالى قال: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦] وقد تقدم أن الأصل في العبادات التحريم والمنع إلا بدليل، والأصل في غيرها الحل، وكلام الأصوليين حول هذا الموضوع: وما الأصل في الأشياء قبل الشرع وما أشبه ذلك كله كلام ليس فيه فائدة إلا تسويد ما أبيض من الصحف؛ لأنه كلام جدلي لا فائدة منه؛ لأن لدينا من كتاب الله ومن سنة رسوله ما يغني عن كل هذه المباحث التي ذكروها وأطالوا فيها.

نقول عندنا قاعدتان مهمتان: أن الأصل في العبادة المنع أصلًا ووصفًا إلا بدليل، والأصل في غير العبادات مطلقًا من عادات ومعاملات وأعيان ومنافع وغيرها الأصل فيها الحل، إلا ما دل الدليل على التحريم، والأدلة على ذلك ذكرناها سابقًا، ولا حاجة للإعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>