للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثانيها: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥]، وثالثها هذه الآية: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

فهل هذه أوصاف لموصوف واحد؟

فيه خلاف: وقد تقدم أن منهم من قال: إنها أوصاف لموصوف واحد؛ لأن الكافر يصدق عليه أنه ظالم، والظالم يصدق عليه أنه فاسق، فالكافر نسميه ظالمًا فاسقًا كافرًا، ومنهم من يقول: إن اختلافها على اختلاف الأحوال، فهذا حكم بغير ما أنزل الله فنقول: هو كافر، والثاني نقول: هو ظالم، والثالث نقول: إنه فاسق، وهذا هو الأرجح، وجه ذلك: أن الأصل في الكلام التأسيس لا التوكيد، فإذا كان كذلك فينبغي أن نقول: كل وصف يتنزل على حال من الأحوال، فمن حكم بغير ما أنزل الله على أن الطريق التي يمشي عليها أو أن ما حكم به هو السنة نابذًا حكم الله وراء ظهره، فهذا كافر، ومن حكم بغير ما أنزل الله لعدوان على المحكوم عليه أو على غيره فهو ظالم، ومن حكم بغير ما أنزل الله لهويً في نفسه، ليتوصل إلى غرض يرى أنه مطلوب فهذا فاسق، فتكون الآيات منزلة على اختلاف الأحوال.

* * *

° قال الله عزّ وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨)} [المائدة: ٤٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>