° قال الله عزّ وجل: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥)} [المائدة: ٦٥].
قوله:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ} المراد بأهل الكتاب هم: اليهود والنصارى، والكتاب المشار إليه التوراة والإنجيل، لقوله:{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}[المائدة: ٦٦].
وقوله:{آمَنُوا} بالقلوب، {وَاتَّقَوْا} بالأفعال، وهذا إذا جمع بين الإيمان والتقوى، فالإيمان بالقلب والتقوى بالجوارح، الإيمان سرٌّ والتقوى علانية، أما إذا أطلق أحدهما؛ فإنه يدخل فيه الآخر ضمنًا {آمَنُوا}: أي: بما يجب الإيمان به، ومنه الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل، معروف بأوصافه، يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، هل أحد يجهل ابنه؟ لا، وعلقه بالأبناء؛ لأن تعلق الإنسان بالابن أقوى من تعلقه بالبنت؛ فتكون معرفته للابن أبلغ من معرفته للبنت؛ لأن الابن يسير معه في تجارته وفي حراسته وفي كل شيء، فهو يخبر ظاهره وباطنه، لكن البنت محلها البيت، ولا يخبرها تمامًا إلا أمها، فهم يعرفون الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما يعرفون أبناءهم، ومع ذلك لم يؤمنوا به، فيكون الإيمان عندهم منتفيًا لأنهم ما آمنوا، حتى لو قالوا: إنهم مؤمنون بموسى إن كانوا يهودًا أو بعيسى إن كانوا نصارى فهم كاذبون.
وأما التقوى فهي: اجتناب ما حرم الله والقيام بما أمر، وهذا في العلانية أي: الجوارح: يعني الأقوال والأفعال، والتقوى: هي اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره.
قوله:{لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} هذا جواب "لو"، واعلم أن