للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"لو" تقع "اللام" في جوابها كثيرًا وقد تحذف، وقد اجتمع ذلك في آخر سورة الواقعة، فقال الله تعالى في الزرع: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: ٦٥] وقال في الماء: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} [الواقعة: ٧٠] فأثبت اللام في الأول ولم يثبتها في الثاني، أما إذا كان جوابها "ما" النافية فإنها لا تقرن بها إلا نادرًا، وأما ما اشتهر عند الفقهاء وعند كثير من الناس، وهو قرن اللام بها فهذه لغة، لكنها قليلة، فالأفصح أن تقول: لولا كذا ما حصل كذا, ولكن لا بأس أن تقول: لما حصل كذا.

إذًا: الإثبات والنفي بـ "ما" متقابلان، الأفصح في الإثبات باللام، أو الأكثر -على الأصح- في الإثبات باللام، والأكثر في النفي بـ (ما) حذف اللام، ومنه قول الشاعر في إثبات اللام:

ولو نعطى الخيار لما افترقنا ... ولكن لا خيار مع الليالي

الشاهد قوله: لما افترقنا.

وقوله: {لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي: خطيئاتهم، يعني: معاصيهم سواء كانت بترك واجب أو بفعل محرم؛ لأن الإيمان والتقوى يكفران السيئات.

قوله: {وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} هذا ثواب الآخرة، فانتفى عنهم ما يكرهون بتكفير السيئات، وحصل ما يحبون بإدخالهم جنات النعيم.

وقوله: {جَنَّاتِ} جمع جنة، وجمعت لأنها أنواع، وقد ذكر الله في سورة الرحمن أربعة أنواع، والجنة في الأصل: هي البستان الذي كثرت أشجاره حتى صارت تغطي أرضه؛ لأن الأصل في هذه المادة الجيم والنون، الأصل فيها: الاستتار

<<  <  ج: ص:  >  >>