فإن قال قائل: كيف يستقيم هذا النفي المؤكد مع أن الكفار قد ينصرون، والمشركون قد ينصرون؟
الجواب: أن هذا نصر مؤقت ليبتلي الله به المؤمنين وليس نصرًا دائمًا، قال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١] وقال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا}[البقرة: ١٦٦] وقال تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا}[الأعراف: ٣٨] ولا يمكن أن يتناصر الكفار في دفع العذاب عنهم يوم القيامة، وحينئذٍ فلا إشكال؛ لأن النصر الذي يحصل لهم نصر مؤقت يريد الله به أن يمتحن المؤمنين.
قوله:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} هؤلاء طائفة أخرى من النصارى، النصارى الذين تتحدث عنهم الآية الأولى؛ ماذا قالوا؟ قالوا:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} يعني: أن المسيح ابن مريم والله رب العالمين واحد، وهؤلاء غيرهم قالوا:{إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} من هؤلاء الثلاثة؟ هؤلاء ذكرهم الله تعالى في هذه السورة:{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[المائدة: ١١٦].
قوله:{إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: مع الله، فإذا كانا إلهين من دون الله والله صاروا ثلاثة، إذًا ثالث ثلاثة هو الله والمسيح