للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائل: كيف يستقيم هذا النفي المؤكد مع أن الكفار قد ينصرون، والمشركون قد ينصرون؟

الجواب: أن هذا نصر مؤقت ليبتلي الله به المؤمنين وليس نصرًا دائمًا، قال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١] وقال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} [البقرة: ١٦٦] وقال تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: ٣٨] ولا يمكن أن يتناصر الكفار في دفع العذاب عنهم يوم القيامة، وحينئذٍ فلا إشكال؛ لأن النصر الذي يحصل لهم نصر مؤقت يريد الله به أن يمتحن المؤمنين.

* * *

° قال الله عزّ وجل: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣)} [المائدة: ٧٣].

قوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} هؤلاء طائفة أخرى من النصارى، النصارى الذين تتحدث عنهم الآية الأولى؛ ماذا قالوا؟ قالوا: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} يعني: أن المسيح ابن مريم والله رب العالمين واحد، وهؤلاء غيرهم قالوا: {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} من هؤلاء الثلاثة؟ هؤلاء ذكرهم الله تعالى في هذه السورة: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: ١١٦].

قوله: {إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: مع الله، فإذا كانا إلهين من دون الله والله صاروا ثلاثة، إذًا ثالث ثلاثة هو الله والمسيح

<<  <  ج: ص:  >  >>