بفعل الأسباب التي يحصل بها الرحمة، عكس ما يظنه بعض العوام، فبعض العوام إذا نهيته عن معصية قال: الله غفور رحيم، فيظن أن هذا من باب تهوين المخالفة على العبد وليس كذلك، بل هذا حث للعبد أن يفعل ما به المغفرة والرحمة.
الفائدة الخامسة: الجمع بين أسماء الله تبارك وتعالى التي ينتج من الجمع بينها وصفٌ زائد على الوصف الذي تفيده بدون اجتماع، فمثلًا: إذا قلنا: إنه غفور رحيم، صار المعنى: أنه غفور للذنوب ورحيم لحصول المطلوب في الطاعات.
ولهذا كانت المعصية الواحدة بواحدة، والطاعات الواحدة بعشر إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
* * *
° قال الله عزّ وجل: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (٩٩)} [المائدة: ٩٩].
قوله:{مَا عَلَى الرَّسُولِ}"ما": نافية، و {عَلَى الرَّسُولِ}: خبر مقدم، و {الْبَلَاغُ}: مبتدأ مؤخر، وقوله:{مَا عَلَى الرَّسُولِ}"أل": هنا للعهد الذهني.
فمن المعهود ذهنًا بأنه الرسول بالنسبة لهذه الأمة محمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه الصلاة والسلام، و {الرَّسُولِ}: بمعنى المرسل.
قوله:{الْبَلَاغُ} أي: إلا تبيلغ ما أوحي إليه، وهذا الحصر إضافي، ومعنى إضافي أي: بالإضافة لما يجب لكم عليه، إذًا قوله:{الْبَلَاغُ} أي: بلاع الرسالة، وأما هداية الخلق فليست للرسول عليه الصلاة والسلام، عليه أن يبلغ، وإذا بلغ انتهت