للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول عيسى عليه الصلاة والسلام: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} يعني: إلا الذي أمرتني به، وما هو؟ {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} وأتى بقوله: {إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} قبل أن يقول: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} ليبين أنه عليه الصلاة والسلام رسول مبلغ، مأمور، فبدأ بما يدل على رسالته وأنه مأمور قبل أن يذكر ما أرسل به.

وقوله: {أَمَرْتَنِي بِهِ} يعني: كلفتني بإبلاغه أمرًا منك، {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}، {أَنِ اعْبُدُوا} العبادة تطلق على معنيين: المعنى الأول: التعبد، والمعنى الثاني: المتعبد به، فإذا قلت: الصلاة عبادة، فالمراد بذلك المتعبد به، وإذا قلت: صلى هذا الرجل لعبادة الله عز وجل، فالمراد تعبده هو، وقال: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} من أجل أن يبرهن لهم أنه ليس برب.

وقوله: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} يعني: كنت أشهد عليهم بما هم عليه من التوحيد والإخلاص {مَا دُمْتُ فِيهِمْ}، يعني: مدهّ دوامي فيهم، {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} أي: قبضتني، يقال: توفى الرجل حقه، أي: قبضه، {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} أي: أنت المراقب الذي تحفظ أعمالهم وتشهدها وتعلمها، {وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} هذا التعميم بعد التخصيص، يعني: أنت على كل شيء شهيد من أفعالهم وغيرها.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: أن الرسل عليهم الصلاة والسلام مكلفون بالرسالة أمرًا من الله، لقوله: {مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} وهذا له شواهد في القرآن كثيرة مثل قول الله تعالى لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: ٦٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>