للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي: مع عموم ملكه قدرته أيضًا عامة على كل شيء، ما من موجودٍ إلا وهو قادر على إعدامه، وما من معدوم إلا وهو قادر على إيجاده تبارك وتعالى، ولا يستثنى من هذا شيء هو قادر على كل شيء، وأخطأ صاحب الجلالين في تفسيره حيث قال عند هذه الآية: "وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر" فإن هذا قول منكر، لكن هذا مقتضى مذهبه حيث ينفي أن تقوم الأفعال الاختيارية بالله، يعني: عنده أن الله لا ينزل ولا يستوي على العرش ولا يضحك ولا يفرح، ومن المعلوم أن الأفعال الاختيارية تكون بمشيئته فهو قادر على إيجادها وهو قادر على إعدامها، فالقول هذا منكر، مبني على عقيدة فاسدة، ونحن نقول: إن الله على كل شيء قدير ولا نستثني، يفعل ما يشاء عزّ وجل.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: اختصاص ملك السموات والأرض وما فيهن بالله عزّ وجل، وجه الاختصاص: تقديم الخبر، والقاعدة: أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، سواء كان هذا الذي حقه التأخير خبرًا أم مفعولًا أو غير ذلك مما حقه التأخير.

الفائدة الثانية: عموم ملك الله للسموات والأرض يؤخذ من الإضافة، في قوله: {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، والمفرد المضاف يفيد العموم، واقرأ قول الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)} [النحل: ١٨]، فإن (نعمة) مفرد ولا يحتاج إلى عدد، لو أخذنا بظاهره لقلنا: النعمة واحدة، لكن لما كان المفرد المضاف يفيد العموم صح أن يقول: (لا تحصوها).

<<  <  ج: ص:  >  >>