للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤكد بالشهادة، وإذا قال: والله إني لفاعل كذا وكذا هذا مؤكد بالصيغة، هؤلاء يقسمون أقوى وأشد ما يكون من الإقسام {إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} أي: مع المؤمنين، يقسمون بذلك إنهم لمعهم لكنهم ليسوا معهم.

وقوله: {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} قالوا: إنه يحتمل أن يكون من جملة القول، ويحتمل أن يكون استئنافًا من عند الله، يعني: إن قلنا: إنه من جملة القول صار كالتعليل أو كالبيان لقوله: {إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ}، يعني: كأنه قال: وما هم معكم؛ لأنهم حبطت أعمالهم، ولا تحبط إلَّا بالكفر، والكافر ليس مع المؤمن قطعًا، وقيل: إنها من عند الله؛ يعني أن الله أخبر المؤمنين بأن هؤلاء حبطت أعمالهم، حتَّى وإن تظاهروا بالإسلام فأعمالهم حابطة، وحبوط الشيء بمعنى: ذهابه سدى، لا يُنْتَفَعُ به ولا يعتد به.

وقوله: {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} العمل هنا يشمل القول والفعل، والاعتقاد لأنه أطلق وإذا قرن العمل بالقول صار المراد به عمل الجوارح، و"أصبح" هنا بمعنى صار، المعنى أنهم بعملهم هذا صاروا خاسرين، فعندهم الندم كما سبق في الآية الأولى، وعندهم الخسران والعياذ بالله، وأنهم لم يربحوا ولن يربحوا أيضًا، مع أن المنافقين يعتقدون أنهم المفلحون، وأنهم المصلحون، وأنهم هم الذين أرادوا الإحسان والتوفيق، ولكنهم في الحقيقة هم المفسدون، ولا إحسان ولا توفيق، بل هم الخاسرون.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: أنَّه يجوز للمرء أن يجري الكلام على سبيل

<<  <  ج: ص:  >  >>