القوم ولكنهم لم يأخذوا بنصيحتي، بل كابروا واستهزءوا وسخطوا، هل لك أن تقول: يا أخي لا تأسَ، ولا تحزن، ولا يضيق صدرك أو لا؟ نعم، تقول هذا حتى تفرج عنه وتفسح له، لئلا يقنط، فلذلك ينبغي للإنسان إذا جاءه أحد من دعاة الخير، أو من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يشكو إليه، أن يوسع له ويفسح له ويقول: لا تأسَ على هؤلاء، لكن بعض الناس إذا جاءه أحد يشكو يقول: والله الناس خراب من يستطيع يقدرهم إلا الله -نسأل الله العافية- سيحل بنا غضب ونقمة، ثم يدخل عليه حزنًا على حزن وهذا غلط؛ لأن الداعي إلى الله إذا قام بما يجب عليه، وما وراء ذلك فهو إلى الله عزّ وجل.
قوله:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} يعني: إيمانًا حقيقيًّا، وليس كما قال بعضهم: إيمان نفاق؛ لأنه لا يمكن أن يعبر عن المنافق بالمؤمن ما دام على نفاقه، فلينتبه لهذا، أما قبل أن ينافق فيمكن أن يكون قد آمن ثم كفر، كما قال عزّ وجل في المنافقين:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}[المنافقون: ٣] لكن يعبر عن المنافق حال نفاقه بالإسلام، لكن بالإيمان لا يمكن، ولهذا ضعف قول من قال: إن المراد بالذين آمنوا أي: آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم، نقول: هذا لا يمكن أن يقع التعبير به في القرآن أبدًا، لكن الذي حملهم على هذا، أن الله عزّ وجل قال:{مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ}[البقرة: ١٢٦] فقالوا: كيف نقول: إن الذين آمنوا، من آمن منهم؟