نقول: هذا يكون تكرارًا، لكن يمكن أن نقول:"من آمن" اسم مشترك فيكون باعتبار الذين هادوا والصابئون والنصارى، أي: من دخل في الإيمان، وباعتبار الذين آمنوا، أي: من ثبت على إيمانه؛ لأن الإنسان قد يؤمن ثم يكفر -نسأل الله العافية- هذا وجه.
الوجه الثاني: أن نقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} هذه (إنَّ) واسمها، أما خبرها: فمحذوف دل عليه ما بعده، والتقدير إن الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وعلى هذا التقدير يكون قوله:{وَالَّذِينَ هَادُوا} مبتدأ فتكون الواو للاستئناف، أو معطوفة على محل إنَّ واسمها {وَالَّذِينَ} تكون مبتدأ.
قوله:{وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} الصابئون: أصل الصابئ هو الذي خالف دين آبائه وأجداده، يعني خرج عن دين قومه، فما المراد بهم هنا؟ قيل: إنهم فرقة من اليهود، وعلى هذا فيكون عطفها على {وَالَّذِينَ هَادُوا} من باب عطف الخاص على العام، وقيل: إنهم فرقة من النصارى، وعلى هذا فيكون عطف النصارى عليهم من باب عطف العام على الخاص.
وقيل: وهو الأظهر أنهم فرقة مستقلة؛ لأن الله ذكرها على وجه الاستقلال، فالصابئون على دين مخالف لدين اليهود ودين النصارى، ولعلهم أخذوا من هذا الدين ومن هذا الدين، وركَّبوا دينًا لهم.