وقوله:{وَالصَّابِئُونَ} الصابئون: معطوفة على {وَالَّذِينَ هَادُوا} ولا إشكال في إعرابها على الوجه الذي تقدم، وهو أن {وَالَّذِينَ هَادُوا} مبتدأ، فتكون عطفت على مبتدأ فترفع، ويرجح هذا آخر الآية، لكن يرد علينا أنها ذكرت في آية أخرى بالصابئين، في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الحج: ١٧].
فيقال: الفرق ظاهر لأن الآية الأخيرة ليس فيها ذكر الإيمان فيما بعد، وإنما فيها ذكر عموم الأجناس من كافر ومسلم، فتكون {وَالصَّابِئِينَ} معطوفة على {الَّذِينَ آمَنُوا} على: اسم {إنَّ}، والخبر يأتي بعد:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} فهو يفصل بين المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين والمشركين، فلا تكون نظيرًا لهذه الآية، وإذا لم تكن نظيرًا لها، لم يكن إعرابها كإعرابها.
وقوله:{وَالنَّصَارَى} هم الذين ناصروا عيسى عليه الصلاة والسلام، قيل: إنما مأخوذة من النصرة، وقيل: إنها مأخوذة من الناصرة اسم بلدة، وفي كل منهما شيء من الإشكال؛ لأن النصارى لا تتطابق في الترتيب مع النصرة ولا مع الناصرة، لكنه لا شك أن المراد بهم بالاتفاق: هم الذين تبعوا عيسى عليه الصلاة والسلام.
قوله:{مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} إعراب {مَنْ آمَنَ} هل نقول: إنها شرطية، أو نقول: إنها اسم موصول؟ في ذلك قولان:
أحدهما: إنها شرطية، وعلى هذا فيكون جواب الشرط:{فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}، وتكون الجملة الشرطية خبر للمبتدأ، ويجوز