أن تكون {مَنْ} اسمًا موصولًا فتكون بدلًا، أو عطف بيان لما سبقها، ويكون محلها في الإعراب محل ما سبق، وعلى هذا فيكون الخبر قوله:{فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وربطت بالفاء؛ لأن الذين هادوا اسم موصول، وهو كاسم الشرط في العموم.
قوله:{مَنْ آمَنَ} ما محل {آمَنَ} من الإعراب؟ إن قلنا:"من" شرطية فمحلها الجزم على إنها فعل الشرط، وإذا قلنا: اسم موصول فلا محل لها من الإعراب؛ لأنها صلة الموصول.
لكن إذا قال قائل: أين العائد على التقديرين على أنها شرط أو اسم موصول؟
نقول: العائد محذوف وقد ذكر في آية أخرى في سورة البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[البقرة: ٦٢] فيكون المحذوف في هذه الآية قد دل على حذفه الآية الأخرى: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا} فلا بد من الإيمان بالله، والإيمان بالله يستلزم الإيمان بملائكته وكتيه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فالإيمان بالله متضمن لخمسة أركان من الإيمان، والحكمة من ذلك أن الأركان الأربعة أجملت تحت الإيمان بالله، وخُص الإيمان باليوم الآخر؛ لأنه هو الذي يحمل الإنسان على العمل، إذا كان الإنسان في شك من اليوم الآخر والعياذ بالله، لن يعمل، ماذا يرجو وماذا يخاف؟ فلا يمكن الإيمان حقيقة إلا بالإيمان باليوم الآخر؛ لأن الإيمان به هو الذي يحمل على القيام بشريعة الله.