المسيح ابن مريم، أما هنا فالمقام مقام تهديد ووعيد، فقال:{وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} أي: المرجع لا إلى غيره، وإنما قلت: لا إلى غيره، من أجل تقديم الخبر، وتقديم الخبر يفيد الحصر، إذًا: فليست المسألة مسألة دعوى أنكم أبناء الله وأحباؤه، وإنما المسألة مسألة عمل إما سيء وإما حسن.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: كذب اليهود والنصارى في دعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه.
الفائدة الثانية: أن اليهود والنصارى يقرون بثبوت المحبة لله، فيقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه، وقد أنكر طائفة من هذه الأمة صفة المحبة لله، وقالوا: إن الله لا يُحِبُّ ولا يُحَبُّ، وفسروا المحبة التي أثبتها الله لنفسه، بما لا يدل عليه ظاهر لفظه، فقالوا: المحبة: هي الثواب أو إرادة الثواب وفسروها بأحد المعنيين، لأن مذهبهم أن الإرادة ثابتة لله، فهم يثبتون أن الله مريد وله إرادة، ويثبتون أن الله خالق وله مخلوق، وأن الثواب شيء منفصل عن الله، فهو من جملة المفعولات وليس من جملة الصفات وهؤلاء هم الأشاعرة، يقولون: لا يوجد محبة بين الله وبين العبد، وإنما المحبة هي الثواب أو إرادة الثواب، اليهود والنصارى قالوا هذا، قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، فأثبتوا أن الله تعالى يحب وأنهم هم أحبابه.
الفائدة الثالثة: أن اليهود يَدَّعون ما يقتضي أن يكونوا خيرًا من هذه الأمة، وجهه: أنهم قالوا ذلك في معرض الرد على رسالة النبي، فكأنهم قالوا: نحن أحق بالرسالة منكم أيها العرب، فنحن أبناء الله وأحباؤه.