للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآن؟ إذا أمكن الثاني لا بأس، لكن قد لا يمكن، فإذا قلنا له بالتدريج وكذلك شرب الدخان بالتدريج، فهذا لا بأس به إذا لم يمكن إلا ذلك؛ لأنه إذا تعذر الكمال أخذنا به شيئًا فشيئًا.

* * *

° قال الله عزّ وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ الله حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨)} [المائدة: ٨٧، ٨٨].

هذه ثلاث جمل بل أربع جمل، الأولى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وتصدير الخطاب بالنداء يدل على أهميته؛ لأن النداء يستلزم انتباه المخاطب، وإصدار الخطاب بوصف الإيمان يدل على أن ما سيذكر من خصال الإيمان، وأن مخالفته نقص في الإيمان، ثم إن فيه إغراء للامتثال؛ لأنك إذا وصفت شخصًا بوصف لتأمره أو تنهاه فهذا من باب الإغراء بهذا الوصف، ولذلك تقول لشخص: أنت رجل كيف تفعل كذا وكذا، فقولك: أنت رجل يعني مقتضى الرجولة أن لا تفعل، وتقول: يا فلان أنت كريم وهذا سائل، يعني: فأعطه.

الجملة الثانية: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ} لا ناهية، {لَا تُحَرِّمُوا} أي: لا تجعلوه حرامًا، وتحريم ما أحل الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام، فلننظر أيها المراد: خبر، وإنشاء، وامتناع:

فالخبر: أن يقول: الضأن حرام، يخبر، هذا نقول له: إنك كاذب؛ لأن الضأن حلال، وهو قال: إنه حرام كاذبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>