للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنشاء: أن يحرم ما أحل الله، كما فعل أهل الجاهلية في السائبة والوصيلة والحام قال تعالى: {مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} [الأنعام: ١٣٩]، هذا التحريم إنشاء، يعني أراد بأن يحكم بأن هذا الشيء حرام على جميع الناس، هذا هو الذي يراد بالآية الكريمة، وحقيقته الحكم بغير حكم الله عزّ وجل.

الامتناع: يعني أن يقصد الامتناع، لم يقصد أنه حرام، ولا قصد إنشاء الحكم عليه بالتحريم، ولا قصد الخبر، وإنما قصد الامتناع، فهذا حكمه حكم اليمين، لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١)} [التحريم: ١].

إذا قال إنسان: هذه الخبزة عليَّ حرام، يريد الامتناع ما قصد أن حكمها حرام في شرع الله ولا يخبر أنها حرام، لكن أراد أن يمتنع، فهذا حكمه حكم اليمين، الدليل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ١ - ٢]، هذه ثلاثة أقسام في التحريم: إخبار، وإنشاء، وامتناع، أيها المراد؟ الإنشاء، ولهذا قال: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ} لأنه طيب؛ ولأنه حلال، فكيف تحرمونه.

قوله: {وَلَا تَعْتَدُوا} أي: تجاوزوا حدودكم؛ لأن الإنسان له حد، فكونه يحلل ويحرم هذا اعتداء، قال الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>