قوله:{كَثِيرٌ مِنْهُمْ}{كَثِيرٌ} قال بعض الناس: إنها فاعل عمي وصم، وأن الواو في عموا وصموا حرف دال على الجمع فقط، كالضمير في قولك: عليكم أو عليهم، فالواو في عموا وصموا حرف دال على الجمع، وهو خلاف المشهور من لغة العرب ويعبر عن هذه اللغة بـ "أكلوني البراغيث" وقيل: إن الواو في عموا وصموا فاعل، وأن "كثيرٌ" بدلٌ من الواو بدل بعض من كل، وهذا هو الأقرب، أن الله تعالى عمم أولًا ثم أبدل من هذا التعميم بأنهم كثير، وحينئذٍ نقول: القرآن الكريم لم يكن على لغة "أكلوني البراغيث" ولا يصح أن نقول بها في القرآن؛ لأن القرآن بلسان عربي مبين.
قوله:{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} البصير هنا تشمل معنيين: المعنى الأول: البصير بالعين عزّ وجل، والثاني: البصير بالعلم، وقد اجتمع المعنيان في حق الله عزّ وجل.
وقوله:{بِمَا يَعْمَلُونَ} يشمل الفعل والقول، لكن كيف يكون القول عملًا؟ نقول: المراد عمل اللسان، لكن لا يكون القول فعلًا؛ لأن الفعل خاص بالجوارح، فالله سبحانه وتعالى {بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} يراه ولا يخفى عليه، و {بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} يعلمه؛ لأن المعمول قد يكون ذات جسد فيُرى، أو غير جسد فلا يُرى، وكلاهما يُعلم، فإذًا نقول: بصير يشمل معنيين: بصير بمعنى الرؤية، وبصير بمعنى العلم، والثاني أعم.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: أن من غباوة بني إسرائيل أنهم يظنون ألا تقع فتنة مع كونهم يقتلون الرسل ويكذبون فريقًا منهم، وهذا يدل