على ما تعود عليه الواو في يعملون الأولى؛ لأن الواو هنا عائدة إلى الربانيين والأحبار.
وقوله:{لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} الصنع والفعل بينهما خصوص وعموم مطلق؛ لأن الصنع إنما يكون فعلًا بترتيب وإعداد للقول أو للفعل بخلاف الفعل المجرد، فالفعل يطلق على كل فعل سواء كان عن قصد أو عن غير قصد، حتى البهيمة لو أكلت قلنا: إنها فعلت، لكن الصنع لا يكون إلا بتدبير وتنسيق وإصلاح، وذلك أن هؤلاء الربانيين والأحبار يصنعون ما يصنعون من كتمان الحق وعدم الأمر به؛ يريدون أن يبقوا وجهاء في قومهم؛ لأن الشيطان يقول لهم: إن نهيتموهم صريح أعداء لهم ولم تحصل لكم الرئاسة، فلذلك تجدهم يعملون هذا العمل عن ترتيب وعن سياسة كما يقولون.
[من فوائد الآيتين الكريمتين]
الفائدة الأولى: أن من أوصاف هؤلاء اليهود أنهم يسارعون في هذه الأمور الثلاثة: الإثم والعدوان وأكل السحت.
الفائدة الثانية: أتى من سارع في الإثم والعدوان وأكل السحت؛ ففيه شبه من اليهود.
الفائدة الثالثة: أن هذا العمل عمل مذموم يستحق فاعله أن يذم، لقوله:{لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.
الفائدة الرابعة: تحريم قول الإثم وتحريم العدوان وتحريم أكل السحت؛ لأن الله تعالى ذم هذا العمل وقدح فيه.
فإن قال قائل: الآية الكريمة عبرت بالأكل، أرأيت لو كانوا لا يأكلون السحت؛ لكن يستعملونه في اللباس والفرش والمساكن والنكاح، فهل يدخل في أكلهم السحت؟