للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائل: هل بَيْنَ هذا الوصف {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وبين قوله في الآية السابقة: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [النساء: ١٥١] هل بينهما تعارض بمعنى هل هما متباينتان أو مدلولهما واحد؟

الجواب: قد تقدم أن من العلماء من قال: هما متباينتان، ومنهم من قال: إن مدلولهما واحد، فمن قال: إنهما متباينتان، قال في الأولى: إذا كان الحامل للحاكم بغير ما أنزل الله العدول عما أنزل الله، وأن غيره خير منه للإنسانية فهذا كافر سواءً حكم أم لم يحكم، لكن عدم حكمه دليل ما في قلبه.

وأما من حكم وهو يعتقد أن حكم الله هو الحق، وأنه أنسب للعباد من حكم الطاغوت لكنه أراد أن يعتدي على المحكوم عليه لعداوة بينه وبينه فهذا ظالم.

أما من قال: إنهما متفقتان ولا تباين بينهما فيقول: إن الكافر ظالم لقول الله تبارك وتعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٥٤]، وعلى هذا فالوصفان متفقان على موصوف واحد، لكن الأول أظهر، وأن لكل وصف محلًّا خاصًّا.

* * *

° قال الله عزّ وجل: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦)} [المائدة: ٤٦].

قوله: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} {قَفَّيْنَا} أي: أرسلنا عيسى ابن مريم قافيًا لمن سبقه، أي: متبعًا لمن سبقه، مأخوذ من القفا؛ لأن المتبع لآثار من سبقه يمشي في قفاه،

<<  <  ج: ص:  >  >>