{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ} أي: على آثار الرسل السابقين {بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} وهو آخر أنبياء بني إسرائيل وليس بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- رسول، ولهذا جعله قافيًا لمن سبقه، ولو كان هناك نبي بعد عيسى لكان هو المقفى، ونسب إلى أمه؛ لأنه ليس له أب.
قوله:{مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ}{مُصَدِّقًا} حال من عيسى، يعني: حال كونه مصدقًا {لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ}، وتصديقه لما بين يديه من التوراة له معنيان:
المعنى الأول: أنه يصدق التوراة ويشهد أنها حق.
المعنى الثاني: أنه يصدق خبرها ويشهد بوقوع ما أخبرت به حيث كان عيسى ابن مريم عليه السلام مذكورًا فيها.
وقوله:{لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أي: لما سبقه {مِنَ التَّوْرَاةِ} وهي الكتاب الذي أنزله الله على موسى عليه الصلاة والسلام، فالتوراة والإنجيل كل منهما كتاب لبني إسرائيل؛ لأن الرسول يرسل إلى قومه خاصة ما عدا النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قوله:{وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ} أي: وأعطيناه الإنجيل زائدًا على تصديق ما بين يديه من التوراة، فتكون شريعة عيسى مكونة من شريعة التوراة وشريعة الإنجيل، ولهذا لا يعتبر الإنجيل كتابًا مستقلًا بل هو تابع للتوراة، ليس فيه من الأحكام إلا شيء قليل، لكن غالبه مواعظ وقصص وعبر.
قوله:{فِيهِ}: أي: في الإنجيل، {هُدًى} أي: علم، {وَنُورٌ} أي: أثر نافع يستنير به القلب.
وقوله:{مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ} قوله: {مُصَدِّقًا} هذه: عائدة على الإنجيل؛ لأن جملة {فِيهِ هُدًى وَنُور} جملة