للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدة الخامسة: أن الفسق يراد به الكفر وهذا واضح، حتى في القرآن في غير هذه الآية ما يدل على أن الفسق يراد به الكفر، ويراد به الخروج عن الطاعة فيما دون الكفر، فقوله تبارك وتعالى في سورة السجدة: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} [السجدة: ١٨] فالمراد بالفسق هنا: الكفر، لقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)} [السجدة: ٢٠] والذي يكذب بالنار فسقه كفر لتكذيبه خبر الله عَزَّ وَجَلَّ، والفسق الذي لا يخرج من الملة مثل قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦].

إذًا المراد بقوله: {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} المراد: فسق الكفر لأنهم كذبوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -.

* * *

° قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٦٠)} [المائدة: ٦٠].

قوله: {قُلْ} يعني: يا محمَّد، {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ} يا أهل الكتاب أي: أخبركم بالأمر العظيم؛ لأن النبأ إنما يراد به الشيء الهام العظيم، كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧)} [ص: ٦٧] وقال تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢)} [النبأ: ١ - ٢] , بخلاف الخبر، الخبر: قد يكون في أمور تافهة، لكن النبأ لا يكون إلا في أمور هامة، ولعل ذلك والله أعلم؛ لأن أحد اشتقاقاته من النَّبْوَة، والنبوة: بمعنى الارتفاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>