للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ} المشار إليه صلاة المسلمين التي اتخذها هؤلاء هزوًا ولعبًا، وقالوا: ما هذا العمل، ما هذا اللعب؟ يستهزئون، ومعلوم أن الاستهزاء بالعمل يستلزم الاستهزاء بالعامل، فقال الله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ} {مَثُوبَةً} أي: عاقبة وهي منصوبة على التمييز؛ لأنها مفسرة لما انبهم من التفضيل في قوله: {بِشَرٍّ}؛ لأن أصل شر: أشر فهو اسم تفضيل، والاسم المنصوب بعد اسم التفضيل المفسر يسمى عندهم، تمييزًا، مثل أن تقول: محمَّد أكثر منك علمًا، فـ (علمًا) هنا تمييز؛ لأنه مفسر للمبهم من اسم التفضيل.

إذًا: مثوبة: نعربها على أنها تمييز، والمثوبة بمعني: العاقبة؛ لأنها من ثاب يثوب إذا رجع، فهي بمعنى: العاقبة والمآل عند الله، وهذا هو المهم، المهم المنزلة عند الله عزّ وجل لا عند الخلق، إذا كانت منزلتك عالية عند الله وخير فهذا هو المهم وهذا هو المطلوب، واعلم أنه متى كنت في منزلة عالية عند الله؛ فسوف تكون في منزلة عالية عند الخلق، والعكس بالعكس، ولهذا جاء في الحديث: "من التمس رضي الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله؛ سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" (١).

قوله: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ} "من" هذه اسم موصول وهي خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: هو من لعنه الله، هذا شر المثوبة عند الله من حصلت عليه هذه النكبات العظيمة، {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ} أي: طرده وأبعده


(١) رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب حفظ اللسان، حديث رقم (٢٤١٤)، وابن حبان (١/ ٥١٠) (٢٧٦) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>