عندما قال له: اجعلها بعد صلاتهما في دينهما، فهذا اختياره رضي الله عنه.
الحاصل: أننا نجعلهما يقسمان بالله أنهما صادقان وأنهما لم يشتريا بشهادتهما شيئًا من الدنيا، ويخوفان أن ترد أيمان بعد أيمانهم؛ لأن أولياء المقتول إذا أقسموا ردت شهادة الشاهدين، ومعلوم أنه إذا حكم برد شهادتهما صار ذلك عار عليهما وخزي، فربما إن لم يخافا من الله خافا من العار والخزي، ولهذا قال: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (١٠٨)}، هذا مجمل معنى الآية الكريمة، لكن فيها فوائد كثيرة نذكر منها ما نسأل الله أن ييسره ويوفقنا فيه إلى الصواب.
[من فوائد الآيات الكريمة]
الفائدة الأولى: جواز شهادة الكافر للضرورة، ولكن هل تخصص الضرورة بهذه الصورة أم بكل ضرورة؟
أولًا: في أصل المسألة وهي شهادة الكافر فيها قولان لأهل العلم:
القول الأول: أن شهادة الكافر لا تقبل، وهذا مبني على أن هذا الحكم منسوخ، وهذا القول مردود بأن النسح يحتاج إلى دليل، وأن سورة المائدة قد قال كثير من العلماء: ليس فيها نسخ؛ لأنها من آخر ما نزل، فليطرح هذا، والعجب أن الذي قال بهذا القول أكثر العلماء.
وأن القول بشهادة الكافر هو قول الإِمام أحمد رحمه الله، وما أكثر ما ينفرد بالشيء فيكون قوله هو الصواب، كقوله في