هذه الآية جمعت بين خبر وطلب، الخبر قوله:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} والطلب قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} في هذه الآية يبدأ الله تعالى الخطاب بـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وقد تكرر مثل هذا الخطاب، وبَيَنَّا أنه إذا بدء الكلام بالخطاب فإن ذلك يدل على أهميته والعناية به.
ثم بدؤه بهذا الوصف:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} يدل على أن العمل به تصديقًا أو امتثالًا من مقتضيات الإيمان، كذلك أيضًا: يدل على أن مخالفته أو الشك فيه أو تكذيبه منافٍ للإيمان إما لأصله أو لكماله، وثالثًا: أن في هذا إغراءً للمخاطب، كأنه يقول: إن كنت مؤمنًا فاستمع وامتثل.
وقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أطلق الله عزّ وجل الإيمان ولم يذكر ما يؤمَن به؛ لأن ذلك معلوم، وقد سأل جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، أي: عن الإيمان، فقال:"أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره"(١).
وقوله:{إِنَّمَا الْخَمْرُ}"إنما" أداة حصر، والحصر: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه، هذا هو الأصل، وقد يراد به تحقيق الحكم في المذكور، ولا يلزم أن ينفى عما سواه، كما سيتبين إن شاء الله في التفسير.