للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

° قال الله عزّ وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} [المائدة: ٩٠ - ٩١].

هذه الآية جمعت بين خبر وطلب، الخبر قوله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} والطلب قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} في هذه الآية يبدأ الله تعالى الخطاب بـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وقد تكرر مثل هذا الخطاب، وبَيَنَّا أنه إذا بدء الكلام بالخطاب فإن ذلك يدل على أهميته والعناية به.

ثم بدؤه بهذا الوصف: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} يدل على أن العمل به تصديقًا أو امتثالًا من مقتضيات الإيمان، كذلك أيضًا: يدل على أن مخالفته أو الشك فيه أو تكذيبه منافٍ للإيمان إما لأصله أو لكماله، وثالثًا: أن في هذا إغراءً للمخاطب، كأنه يقول: إن كنت مؤمنًا فاستمع وامتثل.

وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أطلق الله عزّ وجل الإيمان ولم يذكر ما يؤمَن به؛ لأن ذلك معلوم، وقد سأل جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، أي: عن الإيمان، فقال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره" (١).

وقوله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ} "إنما" أداة حصر، والحصر: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه، هذا هو الأصل، وقد يراد به تحقيق الحكم في المذكور، ولا يلزم أن ينفى عما سواه، كما سيتبين إن شاء الله في التفسير.


(١) تقدم في (١/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>