أن الله بيّن لنا الآيات الشرعية والآيات الكونية، ففي مخلوقاته آيات عظيمة كما قال عزّ وجل: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)} [الذاريات: ٢٠ - ٢١].
قوله:{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}"لعل": للتعليل، أي: لأجل أن تشكروا الله عزّ وجل على بيان الآيات، والشكر هو القيام بطاعة المنعم، هذا أجمع ما قيل فيه، فيشمل القيام بطاعة المنعم فيما يقال. والقيام بطاعة المنعم فيما يُفْعَل، والقيام بطاعة المنعم فيما يعتقد، فيكون محل الشكر ثلاثة: القلب، واللسان، والجوارح، وعلى هذا قول الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
يقول الشاعر يخاطب من يخاطب: إن نعماءكم عليَّ ملكتم بها فؤادي ولساني، فصار يثني عليكم وكأنكم أسياده، وكذلك الجوارح أخدمكم بها، يعني: ملكتم قولي وقلبي وعملي، والمعنى واضح، ويؤيده قوله:"والضمير المحجبا" بالنصب.
الحاصل أن هذه أوسع آية فيما يتعلق بالأيمان، وإلا فقد جاء في البقرة مثل قوله تعالى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥)} [البقرة: ٢٢٥]، لكن هذه الآية مفصلة.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: سعة حلم الله وعفوه، حيث نفى المؤاخذة عن اللغو في الأيمان، وذلك لكثرة تكرارها ومشقة التحرز منها، وهذا بناءً على أن المراد بها: الأيمان التي لا تقصد والتي تكون في عرض الحديث.