لكن لو قال قائل: ذكرتم أن ضابط حرف الجر الزائد أنه إذا حذف استقام الكلام، وأحيانًا يحذف حرف الجر ويستقيم الكلام وحرف الجر ليس بزائد، كما في قوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}[البقرة: ١٠٦] وكما في قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}[الأحقاف: ٣١]؟
الجواب:"مِن" في قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} ليست زائدة بل "من" بيان لى"ما"؛ لأن "ما" اسم شرط، وأسماء الشرط كلها مبهمة، فجاءت "مِن" للبيان، قال ابن مالك رحمه الله:
وقوله:{فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} يعني: فالآن لا حجة لكم قد جاءكم بشير ونذير، وهو رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قوله:{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ختم الله عزّ وجل هذه الآية بالقدرة، إشارة إلى أنه تبارك وتعالى قادرٌ على أن يبعث الرسل وعلى أن لا يبعث الرسل وأن الأمر كله بيده تبارك وتعالى.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: أنه ينبغي أن ينادى المخاطب بالوصف الذي يقتضي أن يقوم بما وُجِّه إليه لقوله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} وهذا موجود في اللغة العربية، فإذا كنت تخاطب مؤمنًا تقول: يا أيها المؤمن، وإذا كنت تخاطب رجلًا تقول: يا أيها الرجل، كأنك تذكر له ما كان ينبغي من أجله أن يستمع إليك ويمتثل ما توجهه