للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ}، أعلم منكم بما كانوا يكتمون، أي: يخفون من الكفر، واسم التفضيل هنا على بابه، وهكذا كلما جاء هذا الوصف بهذه الصيغة فهو على بابه اسم تفضيل، وقد غلط من فسره باسم الفاعل حيث قال في تفسير قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ} قال: والله عليم أو عالم بما كانوا يكتمون؛ لأنه إذا قال: عليم أو عالم لم يمنع المشاركة، لكن إذا قال: أعلم، منع المشاركة، أعلم: يعني لا أحد مثله، لكن هم فروا من شيء فوقعوا في شر منه، قالوا: إذا قلت: أعلم فإن القاعدة أن اسم التفضيل يدل على اشتراك المفضل والمفضل عليه في الصفة، فتقول: نعم لا شك أن الرب عزّ وجل والمخلوق مشتركان في أصل الصفة وهي العلم فلا بد من هذا، فإثبات العلم للمخلوق جاء في القرآن، قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] لكن الذي يمتنع أن تجعل علم المخلوق كعلم الخالق، أما أن يشتركا في أصل الصفة فهذا لا بد منه حتى الحياة، حتى القدرة، حتى السمع، حتى البصر، لا بد من الاشتراك في أصل المعنى فنقول: أنتم منعتم من أن يكون اسم التفضيل على بابه؛ خوفًا من الاشتراك في أصل المعنى، لكن إذا قلتم: عالم أو عليم سويتم بين الخالق والمخلوق؛ لأن المخلوق يطلق عليه عليم، فلهذا لا يمكن أن تجد إنسانًا خرج عن مدلولات النصوص من الكتاب والسنة، إلا ووقع في شر مما حذره.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: التحذير من المنافقين؛ لأن الله لم يقص علينا قصصهم أو حالهم إلا لنحذر، لا لنعلم فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>