المقاتل رياءً -والعياذ بالله- هذا أخسرهم، يقاتل لأجل أن يقال: فلان جريء وشجاع، أو يقاتل لأجل أن يقال: فلان يجاهد في سبيل الله، وكلاهما باطل، والذي يقاتل ليقال: فلان جريء، هو من أول من تسعر بهم النار (١) -أعاذنا الله منها- نسأل الله العافية.
إذًا: لا بد أن تكون النية خالصة؛ لأن الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لا يمكن أن يفرط فيما أوجب الله عليه؛ لأنه يريد هذا، يريد من غيره أن يقوم بطاعة الله فلا يمكن أن يفرط بطاعته.
لما أمر الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يتقوا الله ويبتغوا إليه الوسيلة ويجاهدوا في سبيله وبَيَّن عاقبة هذا بأنه الفلاح؛ بَيَّن عاقبة من لم يقم بذلك من الكفار، فقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ}.
قوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الإعراب: "إنَّ": هذه تحتاج إلى خبر، وجملة الشرط {لَوْ أَنَّ لَهُمْ} تحتاج إلى جواب،
(١) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، حديث رقم (١٩٠٥) عن أبي هريرة.