يستثنى من قدرة الله تعالى شيء، بل كل شيء فالله قدير عليه، وأما قول بعضهم - كصاحب الجلالين - خص العقل ذاته فليس عليها بقادر، فهذا خطأ إلا أنه على قاعدة منكري الأفعال الاختيارية الذين يرون أن ذلك صواب؛ لأنه يوجد طائفة من هذه الأمة يقولون: إن الله عزّ وجل لا تقوم به الأفعال الاختيارية، فالنزول إلى السماء الدنيا ممنوع عندهم، والاستواء على العرش ممنوع، والضحك ممنوع كذلك، والإتيان يوم القيامة ممنوع، كل الأفعال التي يفعلها بمشيئته واختياره يرون أنها ممنوعة. لماذا المنع؟ قالوا: لأنه مستحيل، والمستحيل على اسمه لا تتعلق به القدرة كالجمع بين النقيضين، فيقال لهم: هذا غلط، بل إن الأشياء التي تنافي الكمال لا يمكن أن يتصف الله بها كالنوم مثلًا فمستحيل أن الله جلَّ وعلا ينام، وهذا الكلام لا يرد إطلاقًا؛ لأنه مستحيل، لكن الله جلَّ وعلا ينزل إلى السماء الدنيا وينزل للفصل بين العباد ويساوي على العرش ويضحك ويعجب؛ لأنه لا ينافي الكمال بخلاف النوم فهذا ينافي الكمال.
الفائدة الخامسة والعشرون: أنه ينبغي أن يختم الكلام بما يناسب المقام، وجهه: أن مخالفة أهل الكتاب للرسول عليه الصلاة والسلام تعني أنهم معرضون للعقوبة، والله غير عاجزٍ عن عقوبتهم لكمال قدرته.