الناس بذكر التخويف والوعيد، وقد يكون بالعكس، فمثلًا: إذا كنت تخاطب شخصًا معينًا منغمسًا في الآثام، فهنا ربما يكون جانب التخويف أفضل، لكن مع التخويف تقول له: يا أخي باب التوبة مفتوح، واذكر قول الله تعالى:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}[الفرقان: ٦٨] , حيث ذكر أمهات العظائم، ومع ذلك قال:{إِلَّا مَنْ تَابَ}[الفرقان: ٧٠] , فلكل مقام مقال، لا يمكن أن تذكر شيئًا معينًا.
الفائدة التاسعة عشرة: قوة حجة هؤلاء لو لم يبعث الله إليهم رسولًا، لقوله:{مِنْ بَشِيرٍ} لأن "مِن" هذه للتوكيد يعني كأنهم يؤكدون أنهم لم يأتهم بشير ولا نذير.
الفائدة العشرون: تأكيد الكلام التأكيد المعنوي، ولست أقصد تأكيد النحويين، فالنحويون يقولون: إن التوكيد نوعان: توكيد معنوي وتوكيد لفظي، فما كان بتكرار اللفظ فهو لفظي، وما كان بالأدوات المعروفة، فهو معنوي، لكن لا أريد هذا، أريد أن المعني قد يؤكد بجملة كاملة وهي قوله تعالى:{فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ}.
الفائدة الحادية والعشرون: أنه متى احتيج إلى التوكيد فلا عيب في التكرار، ولهذا كان من آداب الخطبة أن الإنسان يكرر في المواضع الهامة وأن هذا لا يُعَدُّ عِيًّا ولا يعد زيادة.
الفائدة الثانية والعشرون: أن رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - مشتملة على هذين الأصلين في الرسالات وهما البشارة والإنذار، لقوله:{فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} يعني به محمدًا - صلى الله عليه وسلم -.
الفائدة الثالثة والعشرون والرابعة والعشرون: إثبات قدرة الله عزّ وجل، لقوله:{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} , وأنه لا