عدل، كأنه قال: ما تنقمون منا إلا أن قمنا بما يجب لله وما يجب لعباد الله، الذي يجب لله الإيمان به وبما أنزل، وما يجب لعباد الله العدل، أن نعطي كل إنسان ما يستحق، فمعظم هؤلاء فاسقون بلا شك، ونحن نؤمن بهذا ونؤمن بأن من اليهود من آمن وحسن إيمانه، ومن النصارى من آمن وحسن إيمانه، وهذا هو العدل، لم نحكم على الأمة بفعل أكثرهم بل أعطينا كل إنسان ما يستحق.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: تحدي أولئك الذين ينقمون من أهل الخير خيرًا، لقوله:{هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا} وهذا ليس في محل نقم أو كراهة.
الفائدة الثانية: فضيلة هذه الأمة، وأن هذه الأمة لها فضل ومزية على الأمم السابقة؛ لأنها تؤمن بالله وما أنزل إليها وما أنزل من قبل، وهذا لا يوجد في أمم آخرين، لا يوجد إلا في هذه الأمة، ولهذا قال الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة: ١٤٣] ولا يمكن أن نكون شهداء على الناس إلا إذا سبقونا، حتى نعلم ما حصل لهم.
الفائدة الثالثة: أنه ينبغي للمؤمن أن يكون صريحًا فلا يداهن، لقوله:{وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} وهذه المقابلة الصريحة بوصفهم بالفسق.
الفائدة الرابعة: الاحتراز الذي يراعى فيه العدل، لقوله:{وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} ولم يقل: وأنكم فاسقون؛ لأننا لو كنا نؤمن بأن كلهم فاسقون لكان هذا محل نقد، لكننا لا نقول إلا أن أكثرهم فاسقون.