للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لننظر الآية: {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ} هذا مدح.

إذًاا لخطاب لهؤلاء نقول لهم: إنكم لا تنقمون منا شيئًا إلا هذا، وهذا ليس مما يقتضي أن تنقموا منا.

قوله: {إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} "ما أنزل إلينا" هو: القرآن {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ} هو: التوراة والإنجيل وصحف إبراهيم والزبور وغير ذلك، نحن نؤمن بكل كتاب أنزله الله على كل رسول، هل هذا يُنْقم من الإنسان؟ لا، لا يمكن أن يُنْقم، لكن هؤلاء ننقم منهم أنهم لم يؤمنوا بما أنزل إلينا، بل نقول: لم يؤمنوا بما أنزل إليهم أيضًا؛ لأن أهل الكتاب الآن لا يؤمنون بما أنزل إلينا، وحقيقةً أنهم لا يؤمنون بما أنزل إليهم؛ لأنهم لو آمنوا بما أنزل إليهم لآمنوا بما أنزل إلينا، إذ إن ما أنزل ألينا مصدق لما أنزل إليهم، لكن هم يكذبون هذا وهذا.

قوله: {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} هذه الجملة هل هي معطوفة على قوله: {إِلَّا أَنْ آمَنَّا}، أو معطوفة على لفظ الجلالة؟ فيها وجهان: لكن الصواب الذي قد يكون متعينًا أنها معطوفة على قوله: "بالله"، يعني: إلا أن آمنا بأن أكثركم فاسقون، أي: خارجون عن طاعة الله بالكفر.

قد يقول قائل: إذا حملتها على هذا المعنى فهم ينقمون؛ لأنهم لا يريدون أن أكثرهم فاسقون، فينقمون منا أن نؤمن بأن أكثرهم فاسقون، فيقال: هذا لا نستحق أن ينقموا منا به؛ لأننا لم نقل: وأنكم فاسقون، بل نقول: وأن أكثركم فاسقون وهذا هو العدل؛ لأن منهم من كان مؤمنًا وآمن فعلًا، مثل: النجاشي من النصارى وعبد الله بن سلام من اليهود، لكن أكثرهم فاسقون، فهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>