للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

° قال الله عزّ وجل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)} [المائدة: ٤٥].

قوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} "كتبنا": أي: فرضنا، وكما قال تعالى في آية أخرى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣] فالكَتْبُ بمعنى الفرض، والكتابة نوعان: كتابة شرعية، وكتابة قدرية كونية، فما تعلق بالأمر والنهي الذي يفعله المكلف فهي كتابة شرعية، وما تعلق بالخلق والتكوين فهي كتابة قدرية، فمن الأول هذه الآية: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ومن الثاني قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء: ٤] هذا في القضاء، وقال في الكتابة: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)} [المجادلة: ٢١] هذه كتابة قدرية قال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤] والأمثلة كثيرة.

قوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} أي: في التوراة، والنص على التوراة يتضمن توبيخ هؤلاء اليهود الذين يقولون: إنهم يعملون بالتوراة ولكنهم لا يطبقونها قال تعالى: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥].

قوله: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} يعني: أن من قتل نفسًا قُتل بها، كلمة (نفس): القاتل والمقتول لفظ عام في الموضعين، فلننظر هل شريعتنا على هذا أو تختلف؛ الأصل أنها على هذا، والدليل على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>