للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس" (١) هذا لفظ الحديث، وهذا لفظ الآية التي حكاها الله عزّ وجل عن التوراة أن النفس بالنفس، إذًا فالأصل أن من قتل نفسًا قتل بها.

فلننظر مثلًا شاب مسلم قتل طفلًا مسلمًا، يُقْتَلُ به؛ لأن النفس بالنفس، ورجل قتل امرأة يقتل بها، وعاقل قتل مجنونًا يقتل به، وكافر قتل مسلمًا يقتل به؛ لأن الآية التي معنا تقتضي أنه يقتل به.

إذًا: كافر قتل مسلمًا يقتل به، مسلم قتل كافرًا يقتل به، نحن الآن نأخذ الأحكام من الأدلة التي بين أيدينا وهي قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} والحديث: "النفس بالنفس" (٢) والد قتل ولده يقتل به، ولد قتل والده يقتل به، حر قتل عبدًا يقتل به، سيد قتل مملوكًا يقتل به، فكل قَتْل الأصل فيه أن تقتل النفس بالنفس، يبقى النظر هل هذا العموم خصص؟ نقول: نعم خصص، فإذا لم يثبت التخصيص في مسألة ما فالأصل العموم.

ولننظر كافر قتل مسلمًا يقتل به لا شك، مسلم قتل كافرًا لا يقتل به، ما الذي أخرجه من العموم؟ أخرجه من العموم ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقتل مسلم بكافر" (٣)، والتعليل أن المسلم طاهر عَبْد لله حقيقة، والكافر نجس متمرد مستكبر، والمسلم من أولياء الله، والكافر من أعداء الله، فكيف يكون هذا


(١) رواه البخارى، كتاب الديات، باب قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... }، حديث رقم (٦٤٨٤)، ومسلم، كتاب القسامة والمحاربين، باب ما يباح به دم المسلم، حديث رقم (١٦٧٦) عن ابن مسعود.
(٢) تقدم ص ٣١٣.
(٣) تقدم ص ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>