قوله:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}"اليهود": أتباع موسى الذين يَدَّعون أنهم متبعون له، و"النصارى": أتباع عيسى الذين يَدَّعون أنهم متبعون له، قالوا عن أنفسهم:{نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} ولا يريدون أنهم أبناء الله بنوة الولادة؛ لأنه ما ادعى أحد منهم ذلك، غاية ما هنالك أن اليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، وقوله:{أَبْنَاءُ} هنا من باب المبالغة في المحبة والمودة؛ أي: أننا كأبنائه في مودته لنا وشفقته علينا وإكرامنا وإعزازنا وما أشبه ذلك.
وعلى هذا فيكون قوله:{وَأَحِبَّاؤُهُ} من باب عطف الصفة الأعم على الصفة الأخص، وإن كان بعض المفسرين قال: إنه من باب عطف المرادف على مرادفه؛ لأن المرادف للأبناء هم الأحبة، لكن ما ذكرناه هو الأولى؛ لأن الأصل في المتعاطفين هو التغاير، والتغاير إما بالذوات وإما بالأوصاف، فإذا قلنا: أبناء الله يعني كأبنائه في الشفقة والحنو والإعزاز وما إلى ذلك، قلنا:{وَأَحِبَّاؤُهُ} تكون من باب عطف المعنى العام على المعنى الأخص.
قال الله تعالى مفندًا دعواهم:{قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} فهنا أبطل الحجة قبل أن يذكر الرد، وهكذا ينبغي في المناظرة أن