للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

° قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨)} [المائدة: ١٨].

قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} "اليهود": أتباع موسى الذين يَدَّعون أنهم متبعون له، و"النصارى": أتباع عيسى الذين يَدَّعون أنهم متبعون له، قالوا عن أنفسهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} ولا يريدون أنهم أبناء الله بنوة الولادة؛ لأنه ما ادعى أحد منهم ذلك، غاية ما هنالك أن اليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، وقوله: {أَبْنَاءُ} هنا من باب المبالغة في المحبة والمودة؛ أي: أننا كأبنائه في مودته لنا وشفقته علينا وإكرامنا وإعزازنا وما أشبه ذلك.

وعلى هذا فيكون قوله: {وَأَحِبَّاؤُهُ} من باب عطف الصفة الأعم على الصفة الأخص، وإن كان بعض المفسرين قال: إنه من باب عطف المرادف على مرادفه؛ لأن المرادف للأبناء هم الأحبة، لكن ما ذكرناه هو الأولى؛ لأن الأصل في المتعاطفين هو التغاير، والتغاير إما بالذوات وإما بالأوصاف، فإذا قلنا: أبناء الله يعني كأبنائه في الشفقة والحنو والإعزاز وما إلى ذلك، قلنا: {وَأَحِبَّاؤُهُ} تكون من باب عطف المعنى العام على المعنى الأخص.

قال الله تعالى مفندًا دعواهم: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} فهنا أبطل الحجة قبل أن يذكر الرد، وهكذا ينبغي في المناظرة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>