بنفسه أبدًا، ومدبرًا في الأمور الاختيارية والأمور الغير الاختيارية، كما أن الإنسان ليس بيده أن يكون صحيحًا من مرض، أو مريضًا من صحة، فكذلك ليس بيده، أن يكون مهتديًا بعد ضلالة، إنما الأمر بيد الله سبحانه وتعالى.
قوله:{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}، كلما رأيت مثل هذا الخطاب فهو إما للرسول عليه الصلاة والسلام، وإما له ولمن يصح خطابه، وتوجيه الخطاب إليه، أي: فترى أيها النبي الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، أو فترى أيها الإنسان.
لما نهى الله سبحانه وتعالى أن يتخذ المؤمنون اليهود والنصارى أولياء؛ بَيَّنَ أن من الناس من في قلبه مرض، فيسارع في موالاتهم ومهادنتهم وموادتهم، ولهذا لم يقل: في موالاتهم ليفيد العموم بل قال: {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} أي: في كل ما يكون سببًا لقوتهم وعزتهم، وأمراض القلوب أنواع كأمراض الأبدان تمامًا، أمراض الأبدان أنواع: أمراض عضوية في عضو خاص، وأمراض عامة، وأمراض حمى، وأمراض رعشة، أنواع كثيرة، أمراض القلوب كذلك متنوعة، لكنها تدور على شيئين: إما شبهة وإما شهوة، كل أمراض القلوب لا تخرج عن هذين الأمرين: شبهة من حيث يلتبس عليه الحق والعياذ بالله بالباطل، ولا يهتدي للحق،