للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو قال قائل: لماذا الصليب مقدس عند النصارى؟

الجواب: يقولون: إن عيسى عليه الصلاة والسلام - حسب زعمهم - أنه رضي بأن يفدي العالم بنفسه فرضي بالقتل والصلب، فمن أجل ذلك نعظمه، والحقيقة أنهم لو كانوا عقلاء لكانوا يكسرون الصليب؛ لأنه صلب عليه نبيهم على زعمهم، فكان يجب أن يكون أكره ما يكون إليهم النظر إلى الصليب، لكن كما هو معلوم النصارى ضالون ليس عندهم عقول.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: تذكير هذه الأمة بما جرى لأنبياء الأمم السابقة قبلها ومن أرسل إليهم؛ لأن قوله: {إِذْ قَالَ اللَّهُ} متعلقة بمحذوف، والتقدير: واذكر إذ قال الله.

الفائدة الثانية والثالثة: إثبات أن الله يتكلم ويقول بحرف وصوت؛ لأن مقول القول هو: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} إلى آخره, وهذه حروف، والقول لا يوجه إلا لمن يسمعه، ولو كان قول الله هو ما قام بنفسه، لم يصح أن يقول: إذ قال الله: يا عيسى، وفي هذا رد على الأشاعرة، الذين قالوا: إن قول الله وكلام الله هو المعنى القائم بالنفس، وليس هو المسموع، والمسموع أصوات يخلقها الله عزّ وجل تعبر عما في نفسه، وهذا القول باطل من أوجه كثيرة، كتب عليه شيخ الإِسلام ابن تيمية - رحمه الله وجزاه الله خيرًا عن هذه الأمة - رسالة تسمى التسعينية، أبطل هذا القول من تسعين وجهًا وهو جدير بأن يبطل ويطرح؛ لأنه متناقض، والعجب أنهم هم والمعتزلة اتفقوا على أن ما في المصحف مخلوق، لكن المعتزلة قالوا: هو كلام الله، وهؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>