للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: هو عبارة عن كلام الله، فكان المعتزلة والجهمية من هذا الوجه أسعد منهم بالصواب مع أنهم كلهم خطأ؛ لأن هؤلاء يقولون - أعني الأشاعرة -: الذي في المصحف هذا ليس كلام الله، بل عبارة عن كلام الله وهو مخلوق، وأولئك يقولون: كلام الله مخلوق، ومن تدبر هذا القول وجده في غاية البطلان.

الفائدة الرابعة: بيان تذكير الله سبحانه وتعالى عباده بنعمه عليهم، وهذا جاء في القرآن في غير ما موضع، مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [فاطر: ٣] , أحيانًا يكون عامًّا كهذه الآية، وأحيانًا يكون خاصًّا، مثل قوله: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} [الأعراف: ٨٦] , وما أشبه ذلك، وإنما يُذكِّر الله العباد بالنعمة من أجل وجوب شكرها؛ لأن وجوب شكر المنعم ثابت سمعًا وعقلًا، أما السمع فمملوء به القرآن، كقوله تعالى: {وَاشْكُرُوا لِي} [البقرة: ١٥٢] , وقوله: {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقرة: ١٧٢] , وأما عقلًا: فلأنه ليس من المروءة أن تقابل النعمة بالإساءة والكفر، فشكر المنعم إذًا واجبٌ سمعًا وعقلًا، وفائدة التذكير بالنعم هو القيام بالشكر.

الفائدة الخامسة: جواز نسبة الإنسان إلى أمه إذا لم يكن له أب، لقوله: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}، وهل يمكن أن يكون للإنسان أم بلا أب؟

الجواب: نعم، وذلك فيما إذا نفى الزوج الولد عن نفسه فإنه ينتفي عنه بالشروط التي ذكرها الفقهاء رحمهم الله، وكذلك ولد الزنا: إذا لم يستلحقه الزاني فإنه له أم وليس له أب، فإن استلحقه الزاني فالمسألة فيها خلاف معروف، وجمهور العلماء

<<  <  ج: ص:  >  >>