للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية: "الكاف"، والثاني: "ما"، يعني الذي لم يؤت أحدًا من العالمين.

وقوله: {لَمْ يُؤْتِ} أصلها: لم يؤته، لكن حذف العائد الذي يعود على اسم الموصول، والأصل: ما لم يؤته أحدًا من العالمين، وعلى هذا فتكون "أحدًا" مفعولًا ثانيًا.

وقوله: {أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} أي: من العالمين الذين سبقوكم بل والذين في وقتكم، وهنا تأمل أنه لم يقل عليه الصلاة والسلام: ما لن يؤتِيَ، بل قال: ما لم يؤتِ، وبينهما فرق، فلو قال: ما لن يؤتيَ؟ صار قوم موسى أفضل الناس إلى يوم القيامة ولن يُعطي أحدٌ مثلهم، لكن إذا قال: ما لم يؤتِ: يعني في الماضي، وهو كذلك؛ لأن الله تعالى آتى هذه الأمة والحمد لله ما لم يؤتِ بني إسرائيل ولا غيرهم.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: أنه ينبغي للداعية أن يُذكِّر من يوجه إليهم الخطاب بنعم الله عليه؛ لأن تذكيرهم بالنعم يوجب لهم محبة الله، ولهذا جاء في الأثر: "أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم" (١).

الفائدة الثانية: أنه كلما أنعم الله على عبده بنعمة وجب عليه من السمع والطاعة ما لم يجب على غيره.

الفائدة الثالثة: الإشارة إلى أن وجود الأنبياء بين الناس من أكبر النعم؛ لأن الله قدم ذلك على الملك فقال: {جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} ولا شك أن حاجة الناس إلى ذلك أعظم من حاجتهم إلى الملك وإن كانوا يحتاجون إلى هذا.


(١) تقدم ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>